تصافح رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد راوراوة ونظيره المصري سمير زاهر وتعانقا أمام مرأى كاميرات القنوات الفضائية وعدسات المصورين والعشرات من رجال الإعلام الذين قصدوا فندق الشيراتون بالدوحة، وبالتالي فتحا عهدا جديدا في العلاقات الكروية بين البلدين بعد أحداث 12 نوفمبر لما تم الاعتداء على حافلة المنتخب الجزائري لكرة القدم وتهشيم رؤوس حليش ولموشية والمدرب بلحاجي وإصابة يد صايفي .
ورعى هذه المصالحة بعد قطيعة دامت عاما كاملا بين الاتحاد الجزائري والاتحاد المصري لكرة القدم، رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السيد محمد بن همام بحضور نائب رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم وعضو المكتب التنفيذي للفيفا السيد هاني أبوريدة .
وتسربت منذ السبت الماضي أخبارا عن سعي الاتحاد القطري لعقد صلح تاريخي بين اتحاد البلدين، ليتأكد الأمر بعد وصول محمد راوراوة للدوحة قادما إليها من سوريا فجر أمس، في حين وصل سمير زاهر منذ يومين مع منتخب بلاده الذي تنتظره مباراة ودية مساء اليوم ضد المنتخب العنابي .
وكان من المفترض أن يُعقد لقاء الصلح عند الساعة الثانية ونصف زوالا إذ سارع الصحفيون لنصب كاميراتهم في موقع مميز لعدم التفريط في أي لقطة، والجميع كان يترقب في وصول الرجلين خاصة وأنه لم يتمكن أيا كان التأكد من الخبر رغم الخلفية التي وضعت في قاعة الندوة الصحفية والتي تحمل شعارات الاتحاد القطري والاتحاد الجزائري والاتحاد المصري .
وبعد الوقت المحدد للقاء بنصف ساعة وصل سمير زاهر ودخل أولا للقاعة برفقة رئيس الاتحاد القطري، ثم تبعه بن همام وراوراوة الذي لاحظ الجميع علامات الغضب على وجهه على غير عادته قبل أن يبتسم بعد مرور قرابة عشر دقائق من بداية المؤتمر، وكان هاني أبوريدة آخر من وصل واتخذ لنفسه مكانا في آخر القاعة قبل أن يطلب منه بن همام أن يجلس في المنصة الرئيسية خاصة وأنه أحد مهندسي هذا التصالح .
وقبل بداية الندوة طلب محمد بن همام من رجال الإعلام نسيان الماضي وعدم طرح أسئلة عن الاعتذار والأحداث الماضية وهذا لتفادي أي تشنج جديد الجميع في غنى عنه، ورغم ذلك حاول أحد الصحفيين من جريدة الأهرام المصرية أن يعود للماضي وتكلم لمدة 5 دقائق عن ما حدث قبل أن يطلب منه راوراوة طرح سؤاله بدل تضييع الوقت في هذه المحاضرة، وبدا وكأن الصحفي لم يستسغ ما قاله محمد راوراوة في بداية المؤتمر لما أكد أن هذا الصلح هو بين الاتحادين لأن الشعبين الجزائري والمصري أشقاء، لكن الشعب الجزائري لا يُمكنه بأي حال من الأحوال أن ينسى من شتم شهداءه وأساء له ولتاريخه وثورته وأصوله .
سمير زاهر : روراوة صديقي والماضي انتهى
وقال سمير زاهر إن علاقته بروراوة قديمة وممتدة لأنهما صديقان وتزاملا في اتحاد شمال إفريقيا وفي الاتحاد العربي، وكانا قريبين جداً من بعضهما البعض، وكشف زاهر بأنهما جلسا مع بعضهما البعض بحضور بن همام والشيخ حمد بن خليفة بن أحمد ولكنهما لم يتطرقا إلى أي شيء لديه علاقة بالماضي، والذي انتهى بالنسبة لهما لتبدأ علاقة جديدة تصب لمصلحة الجزائر ومصر، وأكد بأنه سعيد جداً لطي هذه الصفحة وبدء صفحة جديدة لعلاقات متميزة بين الشعبين المصري والجزائري على كل المستويات ومنها المستوى الرياضي، مشيرا إلى أن عودة العلاقات تسمح بوجود تعاون، والبداية يمكن أن تكون بزيارة يقوم بها أحد الاتحادين للآخر، وقال إنه دعا روراوة لحضور اجتماعات لجنة التسويق بالاتحاد العربي لكرة القدم المقرر لها يومي 24 و25 من الشهر الحالي بالقاهرة.
وفي سؤال لـ " الشروق اليومي " عن احتمال عودة الاتحاد المصري لمنافسات كأس شمال إفريقيا، أشار زاهر إلى أن الأندية المصرية ستعود لكل المنافسات والاتحاد المصري يعمل على ذلك .
روراوة : المشاكل لا تسمح لأي كان شتم شهدائنا
وقبل أن يتطرق للموضوع تقدم روراوة الذي كان يتحدث باسم الاتحاد الجزائري لكرة القدم بالتهنئة لقطر دولة وقيادة وشعبا بنجاحها في الفوز بتنظيم مونديال 2022، وقال بأن الاتحاد الجزائري على استعداد تام لكتابة صفحات جديدة بعيداً عن الماضي القريب، وتمنى أن يكون العرب والمسلمون متفقين دائماً، ويعملوا من أجل التضامن والعمل المشترك .
ولدى تطرقه لما حدث في السابق وكان سببا في تشنج العلاقات بين الاتحاد الجزائري ونظيره المصري قال روراوة: "نحن ورغم كل إرادتنا فإننا ننتمي لمؤسسة تنظيم الكرة العالمية، في اتحاد شمال إفريقيا والعربي والدولي ومن الضروري أن تكون العلاقات بين البلدين طيبة وأخوية"، مشيرا إلى أن هذا يفرض عليهم التصرف بروح المسؤولية العليا، وشكر الإخوة في قطر على لم الشمل وعلى مبادرتهم .
ثم أضاف: "إذا كان الجميع في عائلة كرة القدم لديهم مشاكل في الملاعب وغيرها، فهذا لا يسمح لأي شخص المس بسمعة وكرامة المؤسسات والشعوب، ولذلك لم ولن نسمح لبعض الصحافيين المس بشرف الشهداء أو ممثلي الجزائر مثل سفير الجزائر في القاهرة، الذي عمل لإنجاح العرس الكروي فوجد نفسه يُشتم وضحية"، و قال روراوة مخاطبا كل من سولت له نفسه المس بشهداء الجزائر وبثورتها المباركة المجيدة: "ليس من حقكم شتم الشهداء ومؤسسات الدولة فهذه كرة قدم"، كما تمنى من الصحافيين الذين وصفهم بالقلة، بأن يعملوا من أجل الصلح والإخاء بين الأشقاء وليس للتفرقة والشتيمة، ودعا بعدها جميع الصحافيين لعدم الخروج عن أخلاقيات المهنة وتجاوز الحقوق التي تكفلها هذه المهنة، خاصة وأن روراوة سبق له وأن خاض تجربة إعلامية وملم جدا بقوانين الإعلام .
وفي سؤال عن إمكانية إقامة مباراة ودية بين المنتخبين الجزائري والمصري لتثبيت هذا الصلح، أكد روراوة أنه منذ أشهر قليلة قام الاسماعيلي والأهلي بزيارة الجزائر، وكانت مناسبة طيبة للالتقاء، وزيادة تعميق العلاقات، وقبل أسابيع قليلة كانت هناك مباراة بين المنتخبين الجزائري والمصري لفئة أقل من 17 سنة، كما أشار إلى وجود مباراة أخرى في 20 ديسمبر.
وطلب أحد الصحفيين بعدها من روراوة وسمير زاهر أن يتعانقا ويتصافحا أمام الملأ لإنهاء هذه القطيعة ويتم توثيقها بالصوت والصورة وهو ما استجاب له الرجلان، وكانت هذه الصورة إيذانا بنهاية المؤتمر ولقاء الصلح قبل أن تنقض الكاميرات على الرجلين، حيث واصل روراوة في تثمين هذا الصلح مع التأكيد أن هذا لا يعني مسامحة من شتم الشهداء من باب أن هؤلاء الذين منحوا أرواحهم لتحرير الجزائر ليسوا ملكا لروراوة ولا لغيره، بل هم ملك لكل الجزائريين ولتاريخ الجزائر، لكنه أكد أن الصلح خير ولابد من فتح صفحات جديدة بعيدا عن هؤلاء الذين أساؤوا للعلاقات بين البلدين، مثلما ثمن زاهر هذا الصلح .