صوم رمضان هو أحد أركان الإسلام ولا يعفى منه أي مسلم صحيح الجسم بالغ ،وعاقل ،ومقيم .
أما المرضى الذين لا يطيقون الصيام فقد استثناهم الله تعالى من فريضة الصوم بنص القرآن الكريم .
ويدخل في الاستثناء من فريضة الصوم أي حالة مرضية يمكن للصيام أن يؤثر
فيها على المريض تأثيراً سلبياً خطيراً ، أو أي حالة مرضية يضطر فيها
المريض إلى الإفطار بسبب تناوله علاجاً منتظماً في أثناء النهار ، كتناوله
أدوية عن طريق الوريد أو الفم ، وبالطبع يلزم المريض الذي يفطر عدداً من
الأيام في رمضان أن يصوم العدد نفسه من الأيام بعد زوال السبب الذي أدى
إلى إفطاره في رمضان .
أما إذا كان المرض مزمناً واستمر بعد شهر رمضان وخصوصاً إذا كان هذا المرض
دائماً فيلزم عندئذ هذا المريض دفع كفارة عن إفطاره إلى الفقراء والمساكين
كما وضح القرآن الكريم ، ويفضل أن يقرر طبيب مسلم متمكن وذو كفاءة مهنية
مدى لياقة المريض للصوم ، بحيث يسأل الطبيب نفسه الأسئلة التالية قبل ذلك
القرار :
1- هل المريض لائق طبياً للصوم ؟
2- هل يمكن للصوم أن يؤدي إلى تدهور حالة المريض الصحية ؟
3- هل يمكن لطريقة علاج المريض أن تفسد الصوم ، وهل يمكن تغير مواعيد أخذ
الدواء بحيث تتناسب مع وقت الامتناع عن الطعام والشراب في رمضان .
4- إذا كان لا مفر من الإفطار في رمضان ،فهل سيتمكن المريض من قضاء ما عليه من الأيام التي أفطرها بعد رمضان ؟
وهنا يمكن أن ينقسم مرضى الفشل الكلوي إلى ثلاث مجموعات :
- المجموعة الأولي:
مرضى القصور الكلوي المزمن .
- المجموعة الثانية :
مرضى الفشل الكلوي المزمن في مرحلة النهاية الذين عالجون بجلسات الكلى الصناعية ( الديلزة ) .
- المجموعة الثالثة :
مرضى زراعة الكلى .
أما بالنسبة للمجموعة الأولى ، مرضى القصور الكلوي المزمن .
فالصوم قد يفيد المريض عن طريق الإقلال من تناول البر وتينات والأملاح ، وهذا ينطبق على بعض الحالات المرضية فقط .
بينما قد يؤدي الصوم ، نتيجة لنقص السوائل والأملاح ، إلى تدهور حالة
القصور المزمن خصوصاً في حالات عتلالات الكلى الخلالية , مثل التهابات
الكلى المزمنة ، التكيس الكلوي ، والتي تؤدي إلى فقد متزايد للأملاح عن
طريق البول ، فتحدث زيادة كبيرة في إنتاج البول بشكل لا يتناسب مع كمية
السوائل والأملاح التي يتناولها المريض في أثناء الصوم ، فيحدث التجفف
ونقص سوائل الجسم الذي يمكن أن يؤدي إلى ضرر بوظائف الكلى والجسم .
ولذلك ننصح مريض القصور الكلوي بمراجعة الطبيب المتابع لحالته لأخذ
النصيحة الطبية حسب حالته المرضية قبل الشروع في صوم رمضان.أما بالنسبة
لمجموعة الثانية ( مرضى الفشل الكلوي المزمن في مراحله النهائية الذين
يعالجون بجلسات الكلى الصناعية ) (الديلزة ) .
فالمريض الذي يعالج بالديلزة يمكنه الصوم دون أن يؤثر ذلك على حالته
الصحية ، على أن يفطر في الأيام التي يتلقى فيها جلسات الديلزة ، إذا كانت
هذه الجلسات تقع في أثناء النهار ، حيث إن عملية الديلزة تستوجب إعطاء
مغذيات ومحاليل عن طريق البريد مما يفسد الصوم وبالطبع يستطيع قضاء ما
عليه من الأيام التي أفطرها بعد شهر رمضان.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن تناول المريض كميات كبيرة من السوائل ( الماء ، الشوربة ، المياة الغازية ، الشاي ، القهوة… إلخ .
أو الأطعمة الغنية بالأملاح البوتاسيوم ، التمر، الموز، المشمش ، قمر الدين .
والبروتينات ( اللحوم ) الدجاج ،الحمام ، ..الخ ، قد يؤدي إلى زيادة شديدة
في السوائل بالجسم وزيادة نسبة البوتاسيوم في الدم وزيادة نسبة البولينا ،
مما يمكن له تأثير خطير على الجسم والقلب والرئتين . ولذلك يجب الاعتدال
في تناول هذه الأطعمة عند الإفطار وفي السحور وإتباع إرشادات الطبيب
المعالج .
أما بالنسبة للمجموعة الثالثة ( مرضى زراعة الكلى ) .
فبناء على عدة دراسات علمية أقيمت بالمملكة العربية السعودية ، فإنه لا
يوصى بالصوم خلال السنة الأولى بعد عملية زراعته الكلى ، ولكن يمكن لمريض
زراعة الكلى أن يصوم بعد مرور عام من زراعة الكلى له إذا كان يتمتع بعمل
الكلى المزروعة بشكل جيد ، وأنه يمكن تناول العقاقير اللازمة ، مثبطات
المناعة مثل عقار السيكلوسبورين الذي يؤخذ عادة كل 12 ساعة ، بعد الإفطار
وعند السحور دون تغيرات ذات أهمية على مستوى هذه العقاقير في الدم .
أما بالنسبة لمرضى زراعة الكلى الذين لا يتمتعون بعمل جيد للكلى المزروعة
لهم ،فقد يؤدي الصيام إلى تأثيرات ضارة على الكلى المزروعة والجسم ، لذلك
يجب مراجعة الطبيب المعالج لهم قبل الشروع في صوم رمضان لإعطاء النصيحة
بعد عمل بعض الفحوصات اللازمة .
الصيام وأمراض العصر
من الواضح أن الإنسان ،خصوصاً في عصرنا هذا نادراً ما يشعر بالجوع ولا
سيما إن كان يعيش في إحدى الدول الغنية ، وهذا لأننا نأكل ثلاث وجبات
أساسية , وكذلك نتناول بينها الكثير من الأطعمة والمشروبات بسبب ودون سبب
، وقد يحدث ذلك بحكم العادة أو المجاملة أو في أثناء مشاهدة التلفزيون ,
ويفوتنا جميعاً أن هذه الحالة من الشبع الدائم لها تأثيرات سلبية خطيرة
على صحتنا .
فقد وجد أن ارتفاع مستوى السكرة بالدم عقب كل طعام أو شراب يؤدي إلى زيادة
إفراز هرمون الأنسولين من البنكرياس ،وقد وجد أن زيادة نسبة الأنسولين
طوال الوقت تؤدي في نهاية الأمر إلى حدوث مناعة أو مقاومة في أنسجة الجسم
ضد تأثير الأنسولين ،مما يؤدي ـ بالتالي ـ إلى إفراز كميات أكبر وأكبر من
الهرمون ، ويثير المناعة ويؤدي هذا إلى حلقة مفرغة من زيادة الأنسولين
وزيادة المناعة ضد الأنسولين . وقد اكتشف حديثاً أن هذه الحالة لها ارتباط
كبير بزيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم الشرياني ومرض السكر وزيادة دهنييات
الدم وحمض البوريك مما يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة تصلب الشرايين في الجسم
كله وطبعاً على رأسها الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب نفسها بالدم
، وقد اتفق على تسمية هذه الحالة كلها ب.متلازمة أكس ـ ويمكننا بذلك فهم
العلاقة القوية بين أكثر أمراض العصر انتشاراً وهي السمنة و السكر ،
ارتفاع ضغط الدم ، وزيادة الدهون ، النقرس ، وتصلب الشرايين , والأزمات
القلبية . ود تزداد الحالة تعقيداً لو كان المصاب من المدخنين حمانا الله
من أخطاره .
والعلاج الوحيد لهذه الحالة هو( الجوع ) نعم الجوع فيجب أن نكون مثل كل
المخلوقات التي خلقها الله تجوع وتشبع وتتعب وتستريح ولا يجب أن نكون في
حالة دائمة من الشبع والراحة الجسمانية .
وشهر رمضان يعتبر فرصة سانحة للوصول إلى هذه النتيجة وكذلك التدريب على
ضبط النفس والسيطرة عليها بقية أيام العام ،هذه النتيجة نفسها تماماً التي
علمنا إياها ديننا الإسلامي الحيف من مصدريه الخالدين ألا وهما القرآن
الكريم والسنة النبوية الشريفة .
وبالنسبة للمرضى المصابين فعلاً بأمراض القلب ، فالغالبية العظمي منهم
يمكنهم الصيام والحصول على الفائدة المرجوة منه ،ويمكننا مساعدتهم بوصف
علاجهم في المساء بدلاً من الصباح ، أو بقليل عدد مرات أخذ الحبوب
بتحويلها إلى الأنواع الممتدة المفعول . ويبقى في النهاية عدد قليل من
المرض ذوي الحالات الخطيرة الذين لا يمكنهم الصيام بسبب مرضهم الشديد أو
بسبب النظام العلاجي المعقد الذي يستلزم أخذ أدوية مختلفة كل ثلاث أو أربع
ساعات .
نرجو من الجميع أن يستفيد من هذه الفرصة السانحة في شهر رمضان المعظم
بطاعة الله سبحانه وتعالى ،وتعلم ما ينفعنا من العادات الدينية والصحية
السليمة ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول "نحن قوم لا نأكل
حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع " .
رسالة إلى مريض السكر
عزيزي مريض السكر :
يسرني أن أقدم لك بعض النصائح الطبية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك حيث هناك نوعان من مرض السكري الأساسي وهما :
النوع الأول :
ويحدث عادة عندما يصبح البنكرياس غير قادر تماماً على إفراز الأنسولين
،ويحدث عادة عند صغار السن ويسمى بمرض السكري الذي يعتمد على الأنسولين في
العلاج .
النوع الثاني:
وهو عندما يفرز البنكرياس كمية غير كافية من الأنسولين ، ويحدث هذا عند
كبار السن خصوصاً الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة ،ويكون
العلاج بوساطة الحمية الغذائية للتخفيف أو التخلص من زيادة الوزن ، فإذا
فشلت الحمية يلجأ الأطباء إلى استعمال الحبوب أو الأنسولين .
ينصح الأطباء عادة بعدم صيام المرضى الذين يعانون من مرض السكري النوع
الأول ، حيث يعتمدون على الأنسولين في العلاج منذ صغرهم فربما يؤدي صيام
المرضى الذين يعانون النوع الأول إلى مضاعفات لا تحمد عقباها ، كتعرضهم
للغيبوبة من جراء انخفاض أو ارتفاع نسبة السكر بالدم .كذلك ننصح أخوانا
الحوامل اللاتي يعانين مرض اسكر ي النوع الأول أو أنهمن يعانين سكر الحمل
فقط بالامتناع عن الصيام وخصوصاً لدى السيدات اللاتي استعملن الأنسولين
اكثر من مرة في اليوم .
فالصيام قد يضر بالمرأة الحامل الجنين معاً ، فجدير الأم المسلمة أن تعرف
حق الجنين ماذا يتعرض له من مخاطر خلال فترة الصيام فالإسلام دين يسر
ورحمة .
أما مرضى سكري النوع الثاني ولا يعانون مضاعفات مرض السكري كالتهاب الكلى
المزمن أو أمراض القلب فلا مانع من صيامهم ولكن بعد استشارة الطبيب المختص
.
كلمة أهمسها في أذن كل مريض سكري ينوي بالصيام وهي وجبة الطعام .فهي أهم
عامل في علاج مرض السكري ،وهي ليست صعبة ولا معقدة كما يتوهم كثير من
الناس ، فهي وجبة صحية عادية مثالية ولكنها محورة قليلاً وهي تصلح للجميع
وللصحيح مثل المريض .
فالهدف من هذه الوجبة هو الوصول إلى الوزن الأمثل ، وخصوصاً عند المصابين
بزيادة الوزن وهناك عادة بل خطأ شائع عند بعض الناس إذا يعتقدون أن رمضان
هو شهر الطعام والتهام الأكل وخصوصاً الحلويات وهذا خطأ يجب تصحيحه ،
فرمضان فرصة كبيرة لإتباع حمية هدفها التخلص من الوزن الزائد وبطريقة صحية
وتدريجية ،وهناك ثمة نصائح أساسية وهامة لمرضي السكري خلال شهر رمضان
المبارك وخصوصاً عند الإفطار :
الإقلال من تناول العصائر المعلبة والمحلاة بالسكرة بقدر الإمكان
والإستعاضة عنها بشرب الماء أو تناول كمية معتدلة من العصائر الطازجة التي
تحضر بالبيت ودون زيادة السكر .
- الإقلال من تناول المعجنات المقلية بالدهون والإستعاضة عن ذلك بشواء المعجنات بالفرن ودون استعمال أي دهون .
- الإكثار من أكل الخضار والسلطة ، فمنظرها جميل وطعمها طيب وشهي ، وتحتوي على معظم الألياف الفيتامينات الضرورية للجسم .
- تناول النشويات بطريقة معتدلة كذلك اللحوم بفضل أن تكون خالية من الدهون .
- الإقلال من استعمال السكر والملح بالطعام .
أخي مريض السكر ننصحك بالإقلال كثيراً من تناول الحلويات الدسمة التي عادة
ما تكون مغموسة بالسكر وتحتوي على نسبة عالية من الزبده والقشطه والأنواع
الأخرى من الدهون .
فرمضان شهر عبادة وقربي إلى الله وليس للطعام والشراب وحذار من التخمة
والأكل الكثير خلال الإفطار لإن هذا يؤدي إلى إرتفاع سريع لمستوى السكر في
الدم مما يؤدي إلى مضاعفات كثيرة كأمراض القلب أو التعرض للإصابة بغيبوبة
السكر التي عادة ما تنتج من ارتفاع شديد للسكر. لنهتدي وتعمل لما قاله
رسول الله صلى لله عليه وسلم ( بحسب ابن آدم لقيمات يقيم صلبه ) مرة أخرى
أكرر أن رمضان مناسبة عظيمة لمرضى السكري للاعتناء بصحتهم ولإتباع حمية
صحية .
الله أسأل أن يتقبل من الجميع صيامهم وقيامهم وأن يتمتعوا بمروفور الصحة
والعافية . فمرض السكري صديق مخلص إن أحسنت التعامل معه ,سيئ إن أسأت
التعامل معه .
المسالك البولية في رمضان
هل علينا الشهر المبارك فأهلاً وسهلاً برمضان ويتساءل مرضى الكلى وخصوصاً
من يعاني من وجود الحصى أو الأملاح ، هل يؤثر الصيام على ذلك ،وما هي
الإرشادات التي يتوجب عليهم أن يتبعوها في هذا الشهر المبارك ؟
جرت العادة أن يطلب من المريض الذي يعاني الحصى أو الأملاح تناول كميات
كبيرة من السوائل فهل هذا ممكن في رمضان ؟ الجواب نعم فمن الممكن تعويض
شرب السوائل في الماء بعد الإفطار وبعد السحور ، وهذا كاف لطرد الأملاح
الزائدة التي يمكن أن تترسب في القنوات الجامعة في الكلى .
والصيام لا يعني الإفراط بالطعام بعد الإفطار فمرضى الحصى الكلوي يجب عليهم أتباع الحمية الغذائية